إن الطالب في كثير من الجامعات التي تنتشر في العواصم الإسلامية يعرف عن فرنسا، وإيطاليا وبريطانيا وأمريكا أضعاف أضعاف ما يعرف عن إندونيسيا والباكستان ونيجيريا والعراق، ويعرف عن فولتير وشكسبير وروسوولويسر التاسع ودانتى أكثر بكثير مما يعرف عن عبد الرحيم الغافقي ومحمد الفاتح وحسان بن ثابت والمتنبي والجاحظ وابن قتيبة.
ولعل من أهم أسباب تقوية روح التضايق الإسلامي العمل على تعميم وسائل الإعلام، بنشر بعض الصحف اليومية لكي يتداولها الناس في جميع العواصم الإسلامية باللغة العربية وبعض اللغات الإسلامية الحية، على أن تتبنى هذه الصحف القضايا الإسلامية وتطالب بحقوق المسلمين المستضعفين وتعرف الناس بالأقليات الإسلامية وما تتعرض له من مشكلات، ولاشك أن إطلاق القمر الصناعي العربي بعد تسعة أشهر ـ بإذن الله - سوف يتيح فرصاً سانحة عظيمة لنشر الدعوة الإسلامية وربط أواصر العالم الإسلامي والعمل على تضامنه ووحدته.
الإعلام وأصالة التضامن الإِسلامي:
والتضامن الإسلامي ليس دعوة مستحدثة، ولا فكرة جديدة، ولا هو عمل سياسي لغايات مؤقتة، وعلى الإعلام أن يرسخ في أذهان المسلمين أن التضامن هو جوهر الدعوة الإسلامية، وبغيره لا يمكن أن يستقيم للمسلمين حال، ولا أن ينتظم عمل، ولا أن يحقق الإسلام ذاته في ديار المسلمين.
إن وحدة المسلمين واتفاق كلمتهم قد جعلت من العرب قوة ناجزت أعظم قوتين في العالم هما دولة الفرس ودولة الروم، كما سارت مواكب المجد الإسلامي- بفضل الوحدة- مشرقة ومغربة توسع ديار الإسلام، رافعة رايته خفاقة، وحاملة رسالته مضيئة منيرة مشعة في الخافقين.
والمسلمون لا يجهلون أن سقوط الأندلس يرجع إلى تمزق الصف العربي والإسلامي وكثرة دويلات المسلمين، وتسلل العناصر المتآمرة إلى صفوف تلك الدويلات، والركون إلى الترف والتعرض للأفكار المنحرفة والعقائد الشاذة.