وربما يكون الإخوان المتحابون نما الله متفرقين في البلاد فيصيبهم الكسل وتقعد بهم العوائق الدنيوية عن السفر من أجل زيارة إخوانهم فقد جاءت التوجيهات النبوية تبشرهم بما أعده الله لمن تحمل مشقة السفر لا لغرض من أغراض الدنيا بل لزيارة أخ له في الإسلام حيث أخرج الإمام مسلم من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أن رجلا زار أخاً له في قرية أخرى فأرصد الله على مدرجته ملكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟. قال: أريد أخاً لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمة تريها؟. قال: لا غير أنى أحببته في الله عز وجل، قال: فإني رسول الله إليك: بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه "[١٢] .
وفي هذا رفع للهمم المريضة المتقاعسة عن المزيد من توثيق عرف الروابط الاجتماعية بين المتعارفين بتوثيق المحبة المتبادلة التي يثبتها ويرسخها في النفوس كثرة الزيارات فإنها من العوامل المهمة لبناء صرح الأخوة الإسلامية وحمايتها من التصدع والانهيار.
٤- عمارة المساجد بطاعة الله تعالى:
فالمسجد هو مركز اجتماع أهل الحى بواسطته يتعارفون، وبتجدد اللقاء يتآلفون، وهو وسيلة من وسائل جمع شمل الأمة وتوثق رابطة الأخوة الإسلامية ثم هو بالتالي من دعائم تكوين الجماعة الإسلامية التي هي ضرورة من ضرورات هذا الدين.
وبواسطة المسجد يعرف المسلمون أحوال جيرانهم، فيتعرفون على أخبارهم، فمن مرض منهم عادوه وقدموا له ما يحتاج من المساعدة، ومن غاب منهم تفقدوا أحوال أسرته وقاموا بما كان يقوم به إذا حضر، ومن عليه دين فاعسر أو نزلت به نائبة واسوه بأموالهم حتى يزول عنه عسره.