وبهذا يصبح الجيران في الحي الواحد كأنهم أسرة واحدة وبغير المسجد لا يستطيع الجيران أن يتعارفوا ولا أن يتآلفوا وبالتالي تسود في المجتمع الانانية والفردية فلا يجد الفقير والمريض من يمد إليه يد المساعدة ولا يأمن الإنسان على أهله إذا غاب عنهم لأنه ليس بينه وبين جيرانه ألفة ومودة.
وعلى هذا النحو تسير المجتمعات البعيدة عن الإسلام لأنها لا تملك المبادئ السامية التي توجد الإخاء والتكامل الاجتماعي.
وقد يضم الحى الواحد طبقات متفاوتة في الغنى والجاه ... وبالتالي تتفاوت درجاتها في مظاهر الحياة من مسكن ومركب وملبس، وهذه المظاهر تزيد من الفجوة بين الطبقات لأن من يسكن في القصور الشاهقة ويركب في المراكب الفخمة قد يتكبر على من بجواره من أصحاب المساكن المتواضعة والمعيشة البسيطة، وهؤلاء في نفس الوقت لا يحاولون التعرف على الكبراء لأنهم يرون أنهم طبقة أعلى منهم وبالتالي تنفصم الروابط الاجتماعية وتحصل الفجوة بين أفراد هذه الطبقات حيث تضعف الأخوة الإسلامية وتتضاءل دوافع التكامل الاجتماعي وبالتالي يختل الأمن في المجتمع وتكثر حوادث الاعتداء وتبقى بعض طبقات المجتمع في حالة شديدة من البؤس والشقاء.
ولكن بوجود المسجد تزول هذه الفوارق لأن الجميع يصفون صفاً واحداً خلف إمام واحد وليس لأحد أفضلية على أحد، ففي صلاة الجماعة في المسجد فرصة كبيرة للكبراء كي يتذكروا بأنه ليس باستطاعتهم في كل وقت أن يتعالوا على الضعفاء، وبالتالي يتضاءل ما في نفوسهم من التكبر عن الاجتماع مع من هم دونهم منزلة في الحياة الدنيا، كما أن في ذلك فرصة للفقراء كى يسموا بأنفسهم ويعلموا بأن الفقر لا يحول بينهم وبين الوقوف جنباً إلى جنب مع الأغنياء.