ولذلك كانت صلاة الجماعة في المسجد تفضل صلاة الرجل بسبع وعشرين درجة كما أخرج الإمام البخاري من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة". وفي رواية أخرى للبخاري:"صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً"، وفي هذه الرواية دليل على أن صلاة الجماعة لا يعتبر لها هذا الثواب إلا إذا كانت في المسجد [١٣] .
ومسجد الحي هو بداية التعارف والتآلف لأن مداومة اللقاء في جو المسجد الروحى والصلاة جماعة فيه من أقوى الروابط التي تربط بين جماعة المسلمين إضافة إلى ما يقوم به إمام المسجد من تذكير الجماعة بواجبهم في التآلف والتآخي وإصلاح ذات البين.
وهذا التعارف والتآخي مرحلة لتعارف أكبر وتآلف أشمل حيث يجتمع المسلمون في القرية الواحدة أو أهل جزء من المدينة يوم الجمعة في مسجد واحد، ومهمة خطيب الجمعة في هذا المجال أن يكمل ما بدأه المسلمون من التآخي في أحياء مختلفة ومساجد متعددة وذلك بالتركيز على معاني الأخوة الإيمانية ولزوم الجماعة الإسلامية ... حتى يخرج المسلمون من المسجد وهم يشعرون بأن لهم أَخوة في الله كثيرون ويكفي أنهم يرون منهم يوم الجمعة هذا الحشد الكبير.
إن المسلم يوم الجمعة ليس بإمكانه أن يتعرف على من في المسجد من الأمة ولكن يكفي شعوره بأن جميع من صلوا معه أخوة له في الإيمان وأن يشعر بأن هؤلاء ليسوا إلا نموذجاً واحداً لمجموعات كبيرة من إخوته في الله في سائر بقاع المعمورة.
إن موضوع التذكير بواجبات الأخوة الإسلامية والتركيز على لزوم الجماعة من أهم الموضوعات التي يجب على خطيب الجمعة أن يهتم بها لأنها تجسم الحكمة التي من أجلها شرعت صلاة الجمعة والجماعة.