والإسلام كما حرم الكذب فقد حرم عيب المؤمنين في حال غيبتهم وإن لم يشتمل ذلك على الكذب لأن كلام المغتاب حينما يبلغ من وقع عليه يؤثر على ما بينهما من رابطة الأخوة فيبدأ التفكك من داخل المجتمع، وأشد من ذلك ضرراً وأبلغ أثراً في تقطيع أوصال الأمة نقل كلام المسلمين في إخوانهم على وجه الإفساد بينهم.
ولذلك كثرت في الكتاب والسنة التحذيرات المنفرة من الغيبة والنميمة قال تعالى:
{وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} . فاعتبر جل وعلا الغيبة قتلاً للأمة فالذي ينتهك أعراض المسلمين إنما يقطع جسم الأمة، فليتصور أمته وهي أشلاء ممزقة فإنه في تمزيقها سهم وافر.
كما جعل الله جل وعلا الغيبة والنميمة من أخلاق أعتى الكفار وأعنفهم حيث قال تعالى:{هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} .
أمَا سوء الظن فهو الشرارة الأولى في إحراق حبل الأخوة الإسلامية لأن الإنسان قد يسمع من أخيه كلاما فيه احتمال الخير والشر فإذا خلا الإنسان إلى تفكيره بعد ذلك وسوس إليه الشيطان فقلل في فكره جانب الخير وضخم جانب الشر حتى يوقع بين المؤمنين ثم قد يبنى على سوء الظن هذا تصرفات أخرى حيث ينظر إليها من زاوية الشر فتقع بعد ذلك القطيعة بين أفراد المجتمع، والمجتمع مكون من الأفراد فإذا كثر التقاطع بينهم أثر ذلك على تماسك الجماعة وقوتها، ولذلك حذرنا الله جل وعلا من سوء الظن فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} . (الحجرات: ١٢) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ". أخرجه الإمام مسلم [١٧] .
مظاهر الانتماء للجماعة.
إن الانتماء إلى جماعة الإسلام له مظاهر تبين صدق هذا الانتماء ومقدار قوته من ضعفه ومدى فعاليته في المجتمع فمن ذاك: