وهكذا أدركهم النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتفرقوا وكان لهم من إيمانهم القوى ما غطى على نزعة الجاهلية، ولكن المسلمين بعد عصر الصحابة- رضي الله عنهم- قد استجابوا إما قليلاً وإما كثيراً لنداء العصبية الجاهلية فقامت بينهم بسبب ذلك الحروب الطاحنة التي أضعفتهم على مدى العصور وكان آخر ذلك الدعوة للقوميات التي شتت شمل الأمة حتى استطاع الأعداء بسبب ذلك أن يقضوا على الخلافة الإسلامية وأن يقسموا بلاد الإسلام إلى دويلات صغيرة.
٢- انتشار الأخلاق السيئة في المعاملات:
وذلك فيما يتعلق بأفراد المجتمع في تعاملهم فيما بينهم، فمن الأخلاق السيئة التي تدمر جماعة الأمة الكذب والغيبة والنميمة وسوء الظن، فالكذب خلق ذميم يدل انتشاره في المجتمع على انحطاطه وانهيار تحصيناته الواقية من الرذائل.
فالتحرز من الكذب يقي المجتمع من الأخبار المختلقة التي يقصد من وراء اختلاقها وترويجها إفساد الأمة وإضعاف معنوياتها وقد تؤدي إلى التناحر والشقاق بين الأمة الواحدة.
والتحرز من الكذب ينتج معاملات سليمة لا غش فيها ولا خداع ولا تزوير، والتعامل النزيه كما أنه يقي المجتمع من التفكك الذي يحدثه التباغض والأثرة فإنه يعطي الأمة سمعة جيدة تجعل الأمم الأخرى تحترمها وتحاول تقليدها.
ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم نفي الإيمان عن الكذابين كما أخرج الإمام مالك عن صفوان ابن مسلم قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جباناً؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن كذاباً؟ فقال: لا [١٦] .