ثم قال ابن قدامة:"إن هذه الصلاة نافلة، ولا يشرع التنفل بوتر، فكان زيادة ركعة أولى من نقصانها لئلا يفارق إمامه قبل إتمام صلاته "انتهى.
أقول: هذا الأثر أخرجه عبد الرزاق في المصنف [٢٢] وابن أبي شيبة [٢٣] عن الثوري عن جابر، عن سعيد بن عبيد، عن صلة بن زفر العبسي.
وجابر هذا هو ابن يزيد بن الحارث الجعفي. وقال الحافظ: ضعيف، وصلة بن زفر من الثقات.
وروى ابن أبي شيبة أيضا عن علي أنه قال: يشفع بركعة يعني إذا أعاد المغرب [٢٤] . وفيه: الحارث الأعور وهو كذاب.
وذكر بعض الآثار الأخرى من التابعين وأتباعهم.
الثاني: يكره المغرب فقط وهو قول الإمام مالك:
واستدل في ذلك بأثر ابن عمر، رواه عن نافع عنه قال: من صلى المغرب، أو الصبح، ثم أدركها مع الإمام فلا يعد لهما [٢٥] ورواه [٢٦] عن ابن جريح عن نافع. ثم قال مالك في الموطأ أيضا:"ولا أري بأسا أن يصلى مع الإمام من كان يصلي في بيته إلا صلاة المغرب فإنه إذا أعادها كانت شفعا" انتهى.
وقد علل محمد بن الحسن عدم إعادة المغرب بأن الإعادة نافلة، ولا تكون النافلة وترا.
قال ابن عبد البر: هذه العلة أحسن من تعليل مالك.
وكان أبو قلابة أيضا يكره إعادة المغرب. ذكره عبد الرزاق في المصنف. وأما ابن قدامة فنقل عن مالك إعادة المغرب إن صلى وحده، وعدم الإعادة إذا صلاها بالجماعة.
وهذا يخالف ما رواه الأئمة المالكية. ففي المدونة [٢٧]" إذا دخل الرجل المسجد، وقد صلى وحده في بيته فليصل مع الناس إلا المغرب فإنه إن كان قد صلاها ثم دخل المسجد فأقام المؤذن صلاة المغرب فليخرج "ومثله في حاشية الدسوقي [٢٨] وفي شرح الزرقاني على الموطأ [٢٩] .