للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو رأي الإمام أبي حنيفة وصاحبيه. والضابط في ذلك ما ذكره الإمام الطحاوي في شرح معاني الآثار [٣٠] "كل صلاة يجوز التطوع بعدها فلا بأس من إعادَتها على أنها نافلة له، غير المغرب، لأنها إن أعيدت كانت تطوعا، والتطوع لا يكون وترا، إنما يكون شفعا". ثم قال: واحتجوا في ذلك بما تواترت به الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهيه عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. ثم قال: وهذه ناسخة (لأحاديث الباب) .

واستدل الشيخ ابن الهمام في شرح فتح القدير [٣١] بحديث رواه الدارقطني عن ابن عمر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صليت في أهلك، ثم أدركت الصلاة فصلها إلا الفجر والمغرب ".

قال عبد الحق: تفرد برفعه سهل بن صالح الأنطاكي وكان ثقة. وإذا كان كذلك فلا يضر وقف من وقفه لأن زيادة الثقة مقبولة. وإذا ثبت هذا فلا يخفى وجه تعليل إخراجه الفجر، بما يلحق به العصر. انتهى كلامه.

ولم أجد هذا الحديث في سنن الدارقطني في مظانه، وكذلك لم أقف على من رفعه في الكتب، وقد سبق ذكره موقوفا على ابن عمر عند مالك.

ثم ظفرت بكلام الشيخ عبيد الله المباركفوري في المرعاة [٣٢] أنه نسب الوهم إلى الملا علي القاري في المرقاة لأنه أيضا ممن نسب هذا الحديث إلى الدارقطني مرفوعا ونص المباركفوري: "لم أجد هذا الحديث في سنن الدارقطني لا مرفوعا، ولا موقوفا، والظاهر أنه من وهم القاري ".

وأما سهل بن صالح الأنطاكي هذا فهو أبو سعيد البزار قال فيه أبو حاتم: ثقة، وقال النسائي: لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ.

وأما صلاة المغرب: ففي الهداية "في ظاهر الرواية التنفل بالثلاث مكروه، وفي جعلها أربعا مخالفا لإمامه (قال الشيخ ابن همام) احتراز عما روي عن أبي يوسف أنه يدخل معه ويتمها أربعا ".