للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل الثاني: وهو دليل العقل والاستنتاج حيث لا يتصور أن الله سبحانه يترك خلقه مهملين دون ما رعاية ترعاهم وعناية تحوطهم في كل ما يحتاجون إليه من أمور دينهم ودنياهم، لأن هذا لو حصل لاعتبر تقصيرا وتفريطا لا يليق بالله سبحانه وحاشاه من ذلك، خاصة وأن هذه الشريعة هي خاتمة الشرائع بنبيها وكتابها، فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين وكتابنا القرآن هو خاتم الكتب الناسخ لها المهيمن عليها فهي شريعة لا تحد بزمان ولا مكان ولا بجنس فهي عامة لكل البشر صغيرهم والكبير ذكرهم وأنثاهم عرباً وعجماً في أي مكان كانوا وأي زمان وجدوا.

ونجد من الآيات ما يسند هذا الاستدلال كقوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} . (المؤمنون: ١١٥) . أي أننا لم نخلقكم عبثا بل لغاية وقصد وهذا يقتضي وجود الأحكام التي تنظم شئون الآدميين. وكذلك قوله سبحانه: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} . (القيامة: ٣٧) . أي هملا دون ما عناية أو رعاية أي لا يمكن أن يكون ذلك لأنه عبث ينزه الله عنه.

فالتشريع الإسلامي يشمل أحوال الناس وينظمها في كل الأحوال ينظم أحوال الفرد والأسرة، وينظم شئون الدولة في الثقافة والاجتماع والسياسة والاقتصاد، يحدد السياسة الداخلية والخارجية وصلة الدولة بالأعداء والأصدقاء في حالة السلم والحرب، ويحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم والعلاقة بين العامل ورب العمل وبين الابن وأبويه والزوج وزوجه، إذن فنحن نخرج من هذا بأن عموم الرسالة وشمولها يقتضي ما يلي:-

أولاً: عمومها الزماني: فهي الشريعة الواجبة الاتباع من حين ما بعت محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة لا يجوز أن تزاحمها أو تنافسها شريعة أو مذهب أو نظام.