وما نقل عن أحد من الخلفاء الراشدين- رضي الله عنهم- أنه اعتذر عن أمر من الأمور بأنه غير داخل في اختصاصه، بل إنهم ينظرون إليه باعتباره حقا فيقرونه وينفذونه، أو باطلا فيفندونه ويقمعونه، كمحاربة المرتدين وجمع القرآن وتدوين الدواوين وقمع البدع ومحار بتها ... إلخ.
ومن يطالع تاريخ الخلفاء الراشدين وسيرتهم يجد الأمر في غاية الوضوح ...
وعلى كل حال فمسألة شمول الإسلام وإحاطته بجميع شئون المسلمين كما أمر الله كانت واضحة تماما في هذا العصر الزاهر الذي يعتبر امتداداً لعصر النبوة ولا زال الأمر كذلك في العصور الإسلامية التالية، مع شيء من الضعف الذي أصبح شديداً في القرون المتأخرة، حيث غلبت العادات القبلية والتقاليد الواردة من الأمم الأخرى على الأحكام الشرعية، نتيجة لعوامل متعددة لعل أهمها بعد كثير من المسلمين عن الإسلام، وضعف الإيمان في نفوس كثير منهم، حتى وصلنا إلى هذه المرحلة التاريخية التي نعيشها، حيث ابتعد الناس أفرادا وجماعات وحكومات عن الشريعة الإسلامية والالتزام بأحكامها وتوجيهاتها إلا من عصم الله، حتى صار العلماء والمفكرون من المسلمين يبذلون الجهود الكبيرة لإقناع الناس والمنفذين منهم خاصة بشمول الإسلام وعمومه وإحاطته بكل شيء، فلا حول ولا قوة إلا بالله.