وإذا كانت العدالة هي من أبرز خصائص الأحكام الشرعية الواردة بالنص في القرآن والسنة، فإن هناك أحكاماً اجتهادية، وهناك أيضا تطبيق الأحكام إن كانت نصية أو اجتهادية، فنجد بالنسبة لهذين الأمرين أن الإسلام حض المسلمين والعلماء منهم خاصة وولاة الأمر على تحري العدل في تطبيق الأحكام، أو عند استنباطها، فوضع قوالب عامة ومعايير دقيقة ومقاييس عادلة لاستنباط الأحكام، فالأحكام الاجتهادية ليست عشوائية في استنباطها ولا ارتجالية في وضعها، ولكنها محكومة بقواعد وأصول فلابد أن تكون منسجمة مع الأصول العامة للشريعة، والقواعد الأساسية، والغايات والأهداف الكبرى، ويمكن الرجوع إلى هذا الموضوع في كتب أصول الفقه.
وفي مجال التطبيق كذلك فقد حث الله سبحانه المسلمين عامة وولاة الأمر بصفة خاصة على العدل، وحث على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة، بل إن الله سبحانه أمر به أمراً صريحاً، يقول جل ذكره:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} . (النساء: ٥٨) . أي ويأمركم إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، والأمر كما هو معروف عند علماء الأصول يقتضي الوجوب إلا أن يصرفه صارف عن ذلك، وفي الآية الأخرى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} . (النحل:٩) ويقول سبحانه فيما خاطب به رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} . (الشورى:١٥) .