وإلى جانب الآيات فهناك الأحاديث الكثيرة والوقائع المشهورة التي حصلت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في عهد الخلفاء الراشدين، ففي الحديث المتفق عليه:"سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "- وعد منهم الإمام العادل- وفي الحديث الآخر:"إن المقسطين عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوّ". رواه مسلم. وجاءه عليه الصلاة والسلام زيد بن سعنة قبل إسلامه يتقاضاه دينا عليه، فجبذ ثوبه عن منكبه، وأخذ بمجامع ثيابه، وأغلظ له ثم قال: إنكم يا بنى عبد المطلب مطل، فانتهره عمر وشدد له في القول، والنبي صلى الله عليه وسلم يبتسم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنا وهو كنا إلى غير هذا منك أحوج يا عمر، تأمرني بحسن القضاء، وتأمره بحسن التقاضي ... " الحديث [١٥] .
ومكن عكاشة أن يقتص منه، وكذلك الأعرابي الذي تعلق في زمام ناقته فانتهره مرارا فلما لم ينتهر ضربه [١٦] . وغير ذلك من الحالات والوقائع المماثلة كثيرة وليس هذا مجالا سردها فليرجع إليها في كتب التاريخ والسير، لتجد الصفحات البيضاء من صفحات العدل، ومن هذا نخرج بنتيجة وهي أن العدالة صفة رئيسية من صفات التشريع الإسلامي، خاصة فيما ورد فيه نص صريح من القرآن، أو نص صحيح صريح من سنة، كما يجب أن تراعى العدالة في جانبين.