للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولاً: في الجانب التشريعي الاجتهادي: أي الأحكام الاجتهادية فيما لم يرد به النص كما في حالة سن الأنظمة اللازمة للناس، كأنظمة البلديات والمرور، وأنظمة العمال والموظفين والشركات وأصحاب المهن المختلفة، وغير ذلك مما يستجد من أمور الناس وشئون الحياة، فيجب على كل من يضعون هذه الأنظمة ويسنونها أن يراعوا جانب العدالة فيها، فلا يغلبوا مصلحة فئة على فئة أخرى، ولا جانباً على جانب، إلا بحق واضح تقتضيه مصلحة عامة راجحة، ويجب أن تكون هذه الأنظمة وأمثالها متمشية مع أصول الشريعة منسجمة مع قواعدها الكلية، غير متعارضة مع أحكامها الثابتة ولا متباينة مع الأهداف والغايات والمقاصد التي توخاها الشارع واعتبرها.

ثانياً: في الجانب التطبيقي: فيجب على الحاكم أن يتقي الله في حكمه، ويتحرى العدالة في تطبيق الأحكام التي أنزلها الله، فلاشك أنها عادلة، ولكن التطبيق قد يكون جائراً، فعليه أن يتقي الله فلا يحكم بأي حكم اجتهادي تبين له ظلمه وإجحافه، وعليه أن يعترض عليه ويبدي رأيه فيه.

الثالثة: الرحمة:

إن الرحمة تعتبر أمراً زائداً على العدالة، فالعدالة رحمة ولاشك، ولكن الرحمة عدالة وزيادة، أما العدل فإن فيه رحمة للكافة وللمجتمع بصفة عامة، ولكن قد لا يكون فيه رحمة للمحكوم عليه في ظاهر الأمر، مع أنه في الحقيقة رحمة، إذا نظرنا إلى المسألة نظرة ثاقبة تنفذ من الدنيا إلى الآخرة.

ويرى الأستاذ محمد أبو زهره - رحمه الله- خلاف ذلك، فهو يرى أن الرحمة والعدل مترادفان، فهو يقول: ولذلك كانت رحمة النبوة الأولى هي العدل، فالعدل في ذاته هو الرحمة الشاملة، ويقول: فالعدالة الحقيقية هي الرحمة الحقيقية [١٧] .