للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دعاء الله فكيف تكون حال من دعا غيره وأعرض عنه, وهو سبحانه القريب المجيب المالك لكل شيء والقادر على كل شيء كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} , وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن الدعاء هو العبادة وقال لابن عمه عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: "إحفظ الله يحفظك، إحفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله" أخرجه الترمذي وغيره، وقال صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار" رواه البخاري، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه سئل أي الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك"، والند: هو النظير والمثيل, فكل من دعا غير الله أو استغاث به أو نذر له أو ذبح له أو صرف له شيئا من العبادة سوى ما تقدم فقد اتخذه ندا لله سواء كان نبيا أو وليا أو ملكا أو جنيا أو صنما أو غير ذلك من المخلوقات، أما سؤال الحي الحاضر ما يقدر عليه والاستعانة به في الأمور الحسية التي يقدر عليها فليس ذلك من الشرك بل ذلك من الأمور العادية الجائزة بين المسلمين، كما قال تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} , وكما قال تعالى في قصة موسى أيضا: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} , وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب وغيرها من الأمور التي تعرض للناس ويحتاجون فيها إلى أن يستعين بعضهم ببعض, وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الناس أنه لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا فقال في سورة الجن: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً, قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً} , وقال تعالى في سورة الأعراف: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً