للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيه نوحاً} . فقد دلت الآية الكريمة وما في معناها على وحدة الهدف والعقيدة التي هي محور دعوة جميع الرسل من لدن نوح عليه السلام إلى خاتمهم وأفضلهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بعثه الله رحمة للعالمين ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ولينقذهم من أوحال الشرك، وأدران الوثنية، فكان بذلك نبراساً للأمة ينير لها الطريق، ومشعلا يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم.

وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين يترسمون تلك الخطأ النبوية، ويستلهمون سر وحدتهم من صفاء العقيدة الخالصة التي لم تشبها شائبة، فأصبحوا بذلك سادة الدنيا، وفتح الله لهم أبواب الخير من كل مكان ورفعوا راية التوحيد في مشارق الأرض ومغاربها. وكل عاقل يدرك أن هذا النصر المؤزر الذي حققه الله على أيديهم لم يكن وليد الصدفة، ولم يكن بسبب العدد والعدة، وإنما تحقق ذلك، بسبب اعتمادهم على الله، والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب المشروعة، وبدئهم بالأهم قبل المهم، وانطلاقهم في دعوتهم من تحقيق كلمتي التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله "، لأن ذلك هو الأساس الذي أمروا أن يبدءوا به، قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} وقال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} وقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} .