للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن السنة ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس قال: "لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله.... الحديث ".

ومما يدل على أهمية العقيدة، وكونها أساس كل عمل، تكفيرها للذنوب والكبائر، إذا صدرت عن إخلاص وقوة إيمان، يدل لذلك ما رواه الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص من حديث صاحب البطاقة حيث ينشر له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر، ثم يؤتى ببطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة فتطيش السجلات، وتثقل البطاقة.

وإذاً فتوحيد الله تعالى، هو رأس الأمر كله، والجسد لا يستقيم بلا رأس، كما قال صلى الله عليه وسلم رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله.

وهذه نصوص صريحة دالة على وجوب البدء بالدعوة إلى توحيد الله تعالى، قبل جميع التكاليف، لأن قبول جميع التكاليف مرهون بتحقيق ذلك، وهذا ما سار عليه السلف الصالح في دعوتهم، مما حقق النجاح في برهة وجيزة، أذهلت العقول، وتحطمت أمامها عروش الكفر والطغيان.

وقد استمر الأمر على هذا الحال ثم بدأ الانحراف بعد ذلك عن هذه الجادة بسبب الانصراف عن الكتاب والسنة الذين يجب أن نأخذ العقيدة منهما والاشتغال بالفلسفة والمنطق، اللذين لم يستفد منهما المسلمون غير تخريب العقيدة، والقيل, والقال، والجدل الذي لا طائل تحته ولا جدوى من ورائه حتى قال قائلهم:

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا

سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا