الأمر الذي حدا بكثير من الناس إلى تعطيل صفات الله عز وجل، أو تفويضها، أو تأويلها، أو تمثيلها، وكذلك الحالة في عبادة الله عز وجل حيث لم يقتصر الأمر على التقيد بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح في ذلك، حتى أصبح الناس في العبادة نتيجة لجهلهم بما كان عليه السلف الصالح من صحة الاعتقاد، أصبحوا ما بين مُفْرِطٍ ومُفَرِّطٍ، فالمفرطون أسرفوا في دعوى المحبة حتى أخرجهم ذلك إلى نوع من الرعونة والدعاوى التي تنافي العبودية، وتثبت الربوبية أو شيئاً منها لغير الله، ومعلوم أن الرب والمعبود هو الله وحده، ومع ذلك يدعي هؤلاء دعاوى تتجاوز حدود الأنبياء والمرسلين- فضلاً عن عامة الناس، أو يطلب من غير الله ما لا يصلح بكل وجه إلا لله، لا يصلح للأنبياء ولا للمرسلين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهذا باب وقع فيه كثير من الشيوخ (يعنى شيوخ المتصوفة) وسببه: ضعفه تحقيق العبودية التي بينها الرسل، وحددها الأمر والنهي، الذي جاءوا به، بل ضعْفُ العقل الذي به يعرف العبد حقيقته.
وإذا ضعف العقل، وقل العلم بالدين، وفي النفس محبة طائشة جاهلة، انبسطت النفس بحمقها في ذلك، كما ينبسط الإنسان في محبة الإنسان مع حمقه وجهله، ويكون سببا لبغض المحبوب له، ونفوره منه، بل سببا لعقوبته.
وكثير من السالكين سلكوا في دعوى حب الله أنواعاً من أمور الجهل بالدين، إما من تعدي حدود الله، وإما من تضييع حقوق الله، وإما من ادعاء الدعاوى الباطلة التي لا حقيقة لها، كقول بعضهم:"أي مريدٍ لي ترك في النار أحداً فأنا بريء منه، وقال الآخر: أي مريد لي ترك أحداً من المؤمنين يدخل النار فأنا منه بريء".
فالأول: جعل مريده يخرج كل من في النار.
والثاني: جعل مريده يمنع أهل الكبائر من دخول النار.