للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول ابن الجوزي رحمه الله:"واعلم أن الطريق الموصلة إلى الحق سبحانه، ليست مما يقطع بالأقدام، وإنما يقطع بالقلوب، والشهوات العاجلة قطاع الطريق، والسبيل كالليل المدلهم، غير أن عين الموفق بصر فرس، لأنه يرى في الظلمة كما يرى في الضوء، والصدق في الطلب منار أين وجد يدل على الجادة، وإنما يتعثر من لم يخلص، وإنما يمتنع الإخلاص ممن لا يراد فلا حول ولا قو إلا بالله" [١١] .

أثر العبادات الإسلامية في تضامن المسلمين إجمالاً:

والعبادات التي تترك آثارها الطيبة، ونتائجها العظيمة، في وحدة المسلمين وتضامنهم، ليست انطواء أو انزواء، أو عزلة عن الحياة، والأحياء، للقيام ببعض الشعائر كالصلاة والذكر كما يتصور بعض الناس، ويظنون أنهم إذا قاموا بذلك منقطعين عن الحياة والأحياء، فهم العباد.

هذا مفهوم خاطئ، وقاصر.

فمفهوم العبادة في الإسلام أرحب وأشمل، وأدق وأعمق من هذا التصور المحدود.

إن العبادة في الإسلام تشمل كيان الإنسان كله كما تشمل الحياة بأسرها. ولذا فان العبادات إذا فهمت فهماً صحيحاً وطبقت تطبيقاً دقيقاً أعطت مجتمعاً قوياً متيناً كالبنيان المرصوص، يسعى بذمته أدناه، ويكون يدا على من سواه.

والعبادات التي جاءت في حديث جبريل المشهور من صلاة وزكاة وصيام وحج، أرسيت دعائمه عليها.

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية، عن قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .

١- ما العبادة؟

٢- وما فروعها؟

٣- وهل مجموع الدين داخل فيها أم لا؟

٤- وما حقيقة العبودية؟

٥- وهل هي أعلى المقامات في الدنيا والآخرة أم فوقها شيء من المقامات؟

وليبسط لنا القول في ذلك.

فأجاب رحمه الله إجابة مسهبة تضمنتها رسالته: العبودية.