وإكرام بعض الناس ببعض، أمر تقره قواعد الشريعة ويشهد به قول الرسول صلى الله عليه وسلم"هم القوم لا يشقى بهم جليسهم"[٢٠] .
نعم إن لاجتماع المسلمين، سرا عجيبا، في تدفق الرحمات، وهذا هو السر في صلاة الاستسقاء وجماعتها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الاهتمام بتسوية الصفوف، كثير الترغيب في إقامتها ووصلها، وسد خللها، شديد الإنكار على الإخلال بها والتفريط فيها، ذلك لأن فوائد الجماعة لا تتحقق ولا تكتمل إلا بالمحافظة عليهَا، وقيام المسلمين فيها كالبنيان المرصوص.
وشرع الله صلاة الجمعة، واختصها بشروط وآداب تزيد في جلالها، وترفع من شأنها، وتورث مزيدا من الاهتمام بها في جمع شمل المسلمين، تحت راية الدين، وهيمنة رب العالمين، وشرع الله الاغتسال في يوم الجمعة والتطيب والنظافة، وبين ما يترتب على ذلك من عطاء أخروي، إلى جانب ما نلمسه من أثر صحي واجتماعي.
يقول عليه الصلاة والسلام:"لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يصيب من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبن الجمعة الأخرى"[٢١] .
فإذا صعد الخطيب المنبر نصح الناس وذكرهم، ودعاهم إلى الله ويعرفهم بأمور دينهم ودنياهم.
وعلى ولاة الأمور من المسلمين تشجيع الخطباء، وتقبل انتقاداتهم على أنها نصائح فإن الدين النصيحة، وهي لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، والملائكة تشارك المؤمنين في سماع خطبة الجمعة قال عليه الصلاة والسلام:"إذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر"[٢٢] .
فإذا انتهت الخطبة، أمهم إمام واحد، فكانوا متراصين متساويين يركعون ركوعا واحدا، ويسجدون سجودا واحدا ويتجهون إلى قبلة واحدة هي الرمز لوحدتهم، والجمع لكلمتهم والعنوان الكامل لترابطهم وتضامنهم.