الحج هو: الركن الخامس في الإسلام، وهو الفريضة التي تستوجب مفارقة المألوفات، والعادات، استجابة لرب العالمين، المسلم حين يستعد لتلبية هذه الدعوة بالإحرام يطهر باطنه بالنية الصالحة، والتوبة النصوح، ويطهر ظاهره بالاغتسال فإنه يعلن استجابته لأمر ربه مضاعفة مكررة، ولا يزال ذلك شعاره حتى يفرغ من حجه (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) .
وفي الإحرام التمرين العملي على فضيلة المساواة بين الناس وفيه كذلك تذكير لهم بما كانوا عليه، وبما سيصيرون إليه في الطريق الذي سبق هذه الحياة، والطور الذي سيعقبها وإنما هم فيه من زينة الدنيا وزهرتها إنما هو عارية مستردة"والحج تدريب عملي للمسلم على المبادئ التي جاء بها الإسلام فقد أراد الإسلام ألا يكون مبادئه، وقيمه الاجتماعية مجرد شعارات أو نداءات، بل ربطها بعباداته وشعائره، حتى تخط مجراها في عقل المسلم وقلبه، فهما وشعورا، ثم تخط مجراها في حياته سلوكا وتطبيقا، وقد رأينا في صلاة الجماعة كيف تنمي معاني الأخوة، والمساواة والحرية، وهنا في الحج نرى معنى المساواة في أجل صورة وأتمها، فالجميع قد طرحوا الملابس والأزياء المزخرفة، التي تختلف باختلاف الأقطار واختلاف الطبقات، واختلاف القدرات واختلاف الأذواق، ولبسوا جميعا ذلك اللباس البسيط- الذي هو أشبه ما يكون بأكفان الموتى- يلبسه الملك والأمير، كما يلبسه المسكين والفقير، وأنهم ليطوفون جميعا بالبيت، فلا تفرق بين من يملك القناطير المقنطرة، ومن لا يملك قوت يومه".