وتنفس الصعداء الرجل العارف بأخبار العدو وقوته، وحرصه على ما اغتصبه، وقد أدرك أن عبد العزيز الذي رباه وعلمه لساعة آتية، قد أدرك الآن أنه أصاب الهدف، واعتمد على من عليه الاعتماد، وأوى إلى ركن حصين وسند عظيم، ولذلك لم يتردد في الإذن له بالعمل، ودعا له بالتوفيق والنجاح [٢] .
وإذا وجد الإيمان والتوفيق، والنصر والتوكل على العليم الخبير، فكل ما عداه من الأسباب هين لتحقيق الرغبة القوية.
لقد تمكن عبد العزيز الشاب من الحصول على أربعين جملا، وثلاثين بندقية، وبعض الزاد، ومعه أربعون رجلاً من عائلة آل سعود الذين بالكويت، ومن المقربين إليه، ثم راح يغزو الأرض التي استولى عليها ابن الرشيد، والناس يجتمعون معه، ويتفرقون عنه، حتى وصلوا إلى الألفين، لم يبق منهم في آخر الأمر إلا عشرون ضمهم إلى الأربع فأصبح جيش عبد العزيز ستين رجلا، واتجه ببصره إلى الرياض، واستطاع القائد الشاب عبد العزيز ابن عبد الرحمن بما وهبه الله من الذكاء أن يخطط للاستيلاء على الرياض.
ففي الخامس من شوال عام ١٣١٩ هـ كان الشاب عبد العزيز والستون شاباً على مسافة من الرياض. قالوا: إنها كانت على بُعْد ساعتين، ترك فيها عشرين شابا ممن معه، وتقدم بالأربعين الآخرين، فلما وصل إلى البساتين خارج سور المدينة، ترك أخاه محمدا، ومعه ثلاثون رجلاً، ومشى بالعشرة في الظلام الدامس، حتى تمكن من اقتحام الأسوار، والوصول إلى حاكم الرياض من قبل ابن الرشيد، وقتله في مغامرة مثيرة, رافقه فيها تأييد الله له وتوفيقه, وأظلته العناية الإلهية التي شدت من أزر الشاب عبد العزيز، حتى تم له النصر، واستولى على الرياض [٣]