أرسل من ينادي في الناس، في محل تجمعاتهم، وفي الأسواق، وكان الخبر قد سرى في كل مكان، والبشر والفرح يعلو الوجوه، وهم يشكرون الله الذي أرجع الحق إلى أصحابه، كان المنادي يقول بأعلى صوته:"الله اكبر.... الحكم لله ثم لعبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"[٤]
هذا الفتح العظيم جدير بأن نسميه "فتح الفتوح في العصر الحديث"فلقد كان بداية لسلسلة من الانتصارات التي مَنَّ الله بها لا على عبد العزيز وحده، بل على العالم الإسلامي، وهذا ما أثبته مرور الأيام.
لقد تناول المؤرخون والكتاب والأدباء هذا الحدث العظيم بالدرس والتحليل والثناء والإكبار، واتفقوا على أن هناك توفيقا إلهيا، سار في ركب تلك الفتية التي آمنت بربها، فظَلت عناية الله تحرسهم وترعَاهم فحققوا النصر على أول طريق الجهاد والكفاح حتى أتم الله نوره.
يقول نجيب نصار في كتابه (الرجل) : "إن ابن سعود الذي تعلم الصعود إلى مراقي العظمة، في مدرسة الإسلام، كما تعلمه فيها أبو بكر وعمر وعلي وخالد ومعاوية، وغيرهم من الصحابة الكرام، وتمرن على الخشونة، وشظف العيش، والشدة في مدرسة بني مرة الساذجة، ارتقى أول درجة من سلّم العظمة بالاستيلاء على الرياض"[٥] .
وقال حافظ وهبة:"إن هذه القصة تشبه قصص أبطال اليونان، وترينا عظم الأخطار التي أحاطت بابن سعود"[٦] .
لقد جاء الناس من كل مكان، وتجمعوا في قصر الحكم، يرحبون بالأمير عبد العزيز، ويبايعونه زرافات ووحدانا، والفارس الشجاع يدعوهم إلى تناسي ما حدث في الماضي، وإلى المحبة والتعاون، والاستعداد للمستقبل.