لم يضيع الأمير عبد العزيز لحظة من وقته، فقام بالبناء والتحصين والاستعداد لكل ما يطرأ من أحداث، وكتب للوالد الإمام عبد الرحمن أن يأذن لأخيه سعد بالقدوم إليه، ومعه نجدة من الرجال والعتاد، ثم أرسَل إلى والده بالكويت، يطلب إليه العودة إلى الرياض؛ فسير الحوادث تفضي أن يكون بجواره، فودع الإمام والشيخ مبارك، وغادر الكويت تلبية لولده، وسلك طريقا غير معروف، فابن الرشيد ما يزال يسيطر على البلاد، وليس من الصواب أن يعرف طريقه في ذاك الوقت.
لم يمض زمن طويل بل أيام معدودات حتى وصل الإمام عبد الرحمن إلى الرياض بسلام، وأسرعت الوفود من كل مكان للتهنئة والتحية والسلام، وتجديد البيعة لآل سعود، ثم دعا الإمام شيوخ العاصمة وعلماءها إلى اجتماع طلب عقده في المسجد الكبير بالرياض بعد صلاة الجمعة، وبعد الصلاة وقف الإِمام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، وأعلن أمام الجميع تنازله عن جميع حقوقه في الإمارة والإمامة إلى ابنه عبد العزيز.
ولكن الابن البار الذي تربى في رحاب الإسلام، ووعى قضاء الله للوالدين رد قائلا:"الإمارة لكم وأنا جندي في خدمتكم".
فجمع الإمام العلماء، وأرسل إلى عبد العزيز، وخاطبه قائلا:"إذا كان قصدك في استدعائي إلى الرياض لأتولى الإمارة فيها، فهذا غير ممكن ولا أقبله مطلقا...."
وبعد مناقشات طويلة، قال الحاضرون من العلماء للقائد عبد العزيز:"على الابن أن يطيع أباه"
وقالوا للإمام:"أنت كوالد عبد العزيز رئيس عليه، وبالتالي على أهل نجد".
فقال الإمام رحمه الله:"ولكن الإمارة له".
فقال عبد العزيز:"إني قابلها بشرط أن يكون والدي مشرفا على أعمالي دائما، فيرشدني إلى ما فيه خير البلاد، ويردعني عما يراه مضراً في مصالحها"[٧] .