للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"..... ولم يكن يخطر على بالي أن أحضر مكة على هذه الصورة، بل إنني لو رأيت في المنام ما تم لي الآن، لما عبرت رؤياي لدى أحد المشايخ (العلماء) مخافة أن يسخروا مني، لكن فضل الله لا يحد، وهذا من محض إحسانه جل وعلا، وإكرامه لي، أسأله تعالى أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يوفقني للعمل بكتاب لله، وإحياء سنة سيد المرسلين إنه سميع مجيب الدعوات" [٢٥] .

ومما لا شك فيه أن هذا من فضل الله وكرمه وعطفه الذي أولاه لقائد المسيرة عبده وابن عبده الذي كان يستصغر نفسه أمام عطاء الله، وتأييده له، ولقد أثبتت الأحداث أن الله كان دائما معه موفقا وناصرا.

كان حاكم الحجاز قد ترك مكة إلى جدة، يريد أن يلعب بآخر ورقة معه، فراح يعد العدة، ويجمع جيوشا، وحاول أن يعمل شيئا لكنه لم يستطع، ولم يجد مالا يدفعه لجنده، فثاروا عليه، وهاج الناس بجدة بسبب ما وقع عليهم من النهب والسلب، وعمت جدة فوضى عظيمة، ولم يستطع الحاكم أن يسيطر عليها، فيئس، وقد ضاعت كل أمانيه [٢٦] ، فتقدم بموافقته على تسليم آخر البلاد.

أما الملك عبد العزيز فقد بقي خارج جدة، وكلما طالبه جنده بالسماح لهم بدخول جدة دعاهم إلى الصبر والتؤدة، وطال الحصار لجدة وعبد العزيز واثق من توفيق الله له، ويؤكد خير الدين الزركلي هذا التوفيق ببعض ما حدث في أثناء هذا الحصار فقال: "جهز الشريف عليّ طائرة بمدفع رشاش، وكلف الطيار بأن يغير على قيادة جيش الملك عبد العزيز، ولم يكن عنده مدافع مضادة ولا مخابئ، ووصل الخبر إلى الملك عبد العزيز فقال: "وقانا الله شّرها".

وقال الزركلي مكملا: