بعدما نزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم وكلفه حمل الرسالة وأمره بتبليغها بقوله:{قُمْ فَأَنْذِرْ} . أخذ يدعو لدين الله فبدأت المرحلة السرية التي استمرت ثلاثة أعوام، فكان فيها صلى الله عليه وسلم يدعو من آنس فيه الاستعداد لقبول هذه الدعوة بغضّ النظر عن سنه ومكانته وبغضّ النظر عن جنسه وأصله، فكان يدعو جميع من يتوسّم فيهم القبول والتعقل، فأسلم خلالها جماعة من ذوى العقل والرأي والنضجِ مثل خديجة بنت خويلد زوجه، وزيد بن حارثة مولاه، وعلي بن أبى طالب وكان صبيا، وأبو بكر وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبى وقاص وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وأبو عبيدة عامر بن الجراح وسعيد بن زيد وخالد بن سعيد بن العاص والأرقم بن أبي الأرقم وجميع هؤلاء من الأسر المتنفّذة القوية، كما كان من السابقين إلى الإسلام أغنياء وفقراء، أقوياء وضعفاء، أحرار وموالي، عرب وعجم، تجار وعمال، وبعض الكتابيين أمثال صهيب الرومي، والأرقاء أمثال بلال الحبشي وياسر وزوجته سمية وابنهما عمار. فالإسلام من بدايته لم يكن لفئة دون فئة من الناس ولا لجنس دون جنس أو طبقة دون طبقة، بل جاء للناس كافة، وخلاصاً للإنسانية جمعاء, قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} . (سورة الأنبياء: ١٠٧) .