للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هكذا كان زعماء قريش يحاولون إقناع محمد صلى الله عليه وسلم بالعدول عن الدعوة أو التنازل عن شيء منها مقابل تنازلهم عن أشياء، فكان قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} . (سورة القلم: ٩) . فثبت الرسول أصحابه في الموقف الذي لا يحتمل مساومة ولا تعدداً.

٥- أسلوب التعذيب:

لما رأى زعماء قريش إصرار الرسول صلى الله عليه وسلم وانتشار الإسلام توجهوا إلى مقاومة الإسلام عن طريق تعذيب العبيد والضعفاء من المسلمين ليعودوا إلى الشرك وليحولوا دون إسلام المزيد، فكان من صور هذا التعذيب أن يعرّى صدر المسلم ويطرح فوق الرمال والصخور المحرقة المتوهجة من شدة حرارة الشمس ويوضع على أجسادهم الصخور الثقيلة ويمنع عنهم الماء والطعام وتقيّد أيديهم وأرجلهم بقيود الحديد ويجلدون بالسياط جلدا شديدا، فزهقت أرواح بعضهم ومن بين الذين تعرضوا لمثل هذا العذاب ياسر وزوجته سمية وابنهما عمار، وبلال بن رباح, وخباب بن الأرت، فكان المشركون يخرجون ياسراً وزوٍجة وابنه إلى الأبطح إذا حميت الرمضاء ويعذبونهم بحرّها فيمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول: "صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة" [٧] . وقد مات ياسر وهو يعذّب وأما زوجه فقد طعنها أبو جهل بحربة فقتلها [٨] . وكان بلال يخرجه مولاه ويأمره أن يستلقي على الرمّل المتّقد تحت الشمس المحرقة في الصحراء ثم يضع قطعا ثقيلة من الحجارة على صدره، ويبقى على هذه الحال إلى أن يُغشى عليه وهو يقول: "أحد.. أحد"لا يزيد على كلمة التوحيد، وقد ضرب المسلمون مثلاً خالدا للتمسّك بالعقيدة وتحمّل أنواع الأذى والتضحية بالنفس، وكان بعضُ المسلمين الأغنياء وخاصة أبو بكر يشترون الأرقاء المضطهدين من مالكيهم وينقذونهم من الاضطهاد.