و (يرون) في هذه الصيغة هنا بمعنى يعلمون، و (أن) مخففة من الثقيلة، وليست الناصبة للفعل المضارع لأن الناصبة للفعل المضارع لا تجيء بعدما يفيد العلم، واسم (أن) المخففة من الثقيلة ضمير الشأن محذوف، و (لا) : نافية, و (يرجع) : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والفاعل ضمير مستتر فيه تقديره هو يعود على العجل، و (قولا) مفعول به ليرجع. وبقية كلمات الآية واضحة الإعراب، والمصدر المؤول من أن المخففة من الثقيلة وخبرها مضافا إلى اسمها في محل نصب سدّ مسدّ مفعولي (يرون) والتقدير: أفلا يرون عدم رجعه إليهم قولا.
يتضمن صدر هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى قد متّع هؤلاء المشركين من قريش وآباءهم من قبلهم بهذه الحياة الدنيا حتى طال عليهم العمر وهم مقيمون على عبادة الأصنام لا يأتيهم عذاب ولا ينزل بهم عقاب جزاء كفرهم هذا، فنسوا نعمة الله عليهم، وضلّوا طريق الشكر إليها.
والاستفهام الذي جاء بعد ذلك في قوله تعالى:{أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} للإنكار والتوبيخ.
ينكر الله سبحانه وتعالى على أولئك المشركين أن لا يبصروا ما يحدثه الله جل وعلا في الأرض من خراب بعد عمارة, ومن موت بعد حياة, ومن هلاك وعذاب وقهر وإذلال بعد حياة نعيم وعز، فيعتبروا بذلك ويتعظوا به، ويحذروا أن ينزل بهم من العذاب ما أنزله الله بالأمم التي كذبت الرسل من قبل.
أفبعد هذا النقص الذي يحدثه الله- جلّت قدرته- في أطراف الأرض بالهلاك والتدمير والقهر، أفبعد هذا يظن هؤلاء المشركون أنهم الغالبون؟!!.