للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثانية: أن يقال إنهم ماتوا وهي باقية.

الثالثة: أن يقال إنهم أخرجوا منها وهي باقية.

الرابعة: أن يقال: إنهم باقون فيها إلا أن العذاب يخف عليهم. وذهاب العذاب رأسا واستحالته لذة لم نذكرهما من الأقسام لأنا نقيم البرهان على نفي تخفيف العذاب, ونفي تخفيفه يلزمه نفي ذهابه واستحالته لذة, فاكتفينا به لدلالة نفيه على نفيهما, وكل هذه الأقسام الأربعة يدل القرآن على بطلانه.

أما فناؤها فقد نص تعالى على عدمه بقوله: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً} , وقد قال تعالى: {إِلاّ مَا شَاءَ رَبُّك} في خلود أهل الجنة وخلود أهل النار وبيّن عدم الانقطاع في خلود أهل الجنة بقوله: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} , وبقوله: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} , وقوله: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ} ، وبيّن عدم الانقطاع في خلود أهل النار بقوله: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً} , فمن يقول إن للنار خبوة ليس بعدها زيادة سعير رد عليه بهذه الآية الكريمة. ومعلوم أن (كُلَّمَا) تقتضي التكرار بتكرر الفعل الذي بعدها، ونظيرها قوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا} الآية. وأما موتهم فقد نصّ تعالى على عدمه بقوله: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} , وقوله: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} , وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن الموت يجاء به يوم القيامة في صورة كبش أملح فيذبح, وإذا ذبح الموت حصل اليقين بأنه لا موت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ويقال: "يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت". وأما إخراجهم منها فنص تعالى على عدمه بقوله: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} , وبقوله: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} .