وأما تخفيف العذاب عنهم فنص تعالى على عدمه بقوله:{وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} , وقوله:{فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاّ عَذَاباً} , وقوله:{لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} , وقوله:{إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} , وقوله:{فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} , وقوله تعالى:{فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} , وقوله:{وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} . ولا يخفى أن قوله:{لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} وقوله: {لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} كلاهما فعل في سياق النفي فحرف النفي ينفي المصدر الكامن في الفعل فهو في معنى لا تخفيف للعذاب عنهم ولا تفتير له, والقول بفنائها يلزمه تخفيف العذاب وتفتيره المنفيان في هذه الآيات, بل يلزمه ذهابهما رأسا, كما أنه يلزمه نفي ملازمة العذاب المنصوص عليها بقوله:{فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} وقوله: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً} وإقامته النصوص عليها بقوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} .
فظاهر هذه الآيات عدم فناء النار المصرح به في قوله:{كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً} وما احتج به بعض العلماء من أنه لو فرض أن الله أخبر بعدم فنائها أن ذلك لا يمنع فناءها لأنه وعيد وإخلاف الوعيد من الحسن لا من القبيح, وأن الله تعالى ذكر أنه لا يخلف وعده ولم يذكر أنه لا يخلف وعيده وأن الشاعر قال:
وإني وإن أوعدته أو وعدته
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
فالظاهر عدم صحته لأمرين:
الأول: أنه يلزم جواز ألاّ يدخل النار كافر لأن الخبر بذلك وعيد وإخلافه على هذا القول لا بأس به.