للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأدب الإسلامي يتواءم مع هذه المفاهيم الاجتماعية للأدب، بل إن هذه العلاقة بين الأدب والحياة، أو الأدب والمجتمع، علاقة واضحة في فكر الأديب المسلم، الذي يدرك أبعاد رسالته، ويعي تجاربه الحضارية، ويفهم التلاحم الوثيق بين المبادئ الإسلامية وحركة الحياة على مدار العصور، ولقد حفل الفكر الإسلامي بعناصر القوة والتجدد والحركة والابتكار طوال حقب التاريخ، ولو لم يكن الأمر كذلك لما كانت تلك الحركة العلمية، والتراث الفكري، واتصال عملية الاجتهاد والتجاوب مع ما يجدّ من أحداث الحياة وصورها، ولما ساهمت هذه الأصول الحضارية في إثراء الفكر الغربي، وإثارة الحماسة لنهضته الحديث، ولا ما فتحت الثقافة الإسلامية من قبل نوافذها وأبوابها أمام ترجمات التراث العالمي من اليونان والهند وفارس وغيرها، ولما قامت بحركة التقييم والتصحيح لما انحرف من هذا التراث القديم، أو ضل الطريق، ومن ثم أخرجت فكراً إسلاميا مؤثراً متميّزا مازال يتألّق بروائعه، في شتى الفروع، حتى عصرنا هذا ...

والأدب الإسلامي، تحت مظلة العقيدة الإسلامية الشاملة، يهدف أول ما يهدف إلى تكوين الفرد المسلم، ثم المجتمع المسلم، ويهتم بكل صغيرة وكبيرة للأفراد والجماعات، ويتمثل أمراضهم الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ويثير في النفوس الرغبة للعمل الجاد، والبناء الصامد، ويجعل من ذلك العمل قيمة لا تقل عن العبادة، بل

ويجعل من التفكير والتأمل أيضاً فرعاً من العبادة "لا عبادة كالتفكر"، وبمارس في الواقع فعل الخيرات والتمسك بالإيثار والحب والعدل، ومحاربة الرذائل والمفاسد والمظالم، وصور الاستغلال والتحلل والإباحية، ويربط حياة الفرد، وحركة الجماعة بآداب ونظم وشرائع محكمة، هي مقياس الإيمان الصحيح، والطريق إلى مرضاة الله.