قال الإمام الرازي:"فإن قيل: فما معنى اشتراطه في اتقاء النار انتفاء إتيانهم بسورة من مثله؟ فالجواب: أنه إذا ظهر عجزهم عن المعارضة صح عندهم صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وإذا صح ذلك ثم لزموا العناد استوجبوا العقاب بالنار، فاتقاء النار يوجب ترك العناد، فأقيم المؤثر مقام الأثر. وجعل قوله:{فَاتَّقُوا النَّارَ} قائماً مقام قوله فاتركوا العناد. وهذا هو الإيجاز الذي هو أحد أبواب البلاغة، وفيه تهويل لشأن العناد، لإنابة اتقاء النار منابه متبعاً ذَلك بتهويل صفة النار [٥] .
ومعنى:{أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} هيِّئت لهم؛ لأنهم الذين يخلدون فيها، أو أنهم خصوا بها وإن كانت معدة للفاسقين -أيضا- لأنه يريد بذلك ناراً مخصوصة لا يدخلها غيرهم كما قال تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّار} .
وفي هذه الآية الكريمة معجزة من نوع الإخبار بالغيب، إذ لم تقع المعارضة من أحد في أيام النبوة وفيما بعدها إلى هذا العصر.
قال صاحب الكشاف: "فإن قلت: من أين لك أنه إخبار بالغيب على ما هو حتى يكون معجزة؟ قلت: لأنهم لو عارضوه بشيء لم يمتنع أن يتواصفه الناس ويتناقلوه، إذ خفاء مثله فيما عليه مبنى العادة محال، لاسيما والطاعنون فيه أكثف عدداً من الذابين عنه، فحين لم ينقل عُلِمَ أنه إخبار بالغيب على ما هو به، فكان معجزة" [٦] .