· قوله تعالى:{فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} الآية, هذه الآية الكريمة تدل على أن الله يسأل جميع الناس يوم القيامة ونظيرها قوله تعالى:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ, عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} , وقوله:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ} ، وقوله:{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} ، وقد جاءت آيات أخر تدل على خلاف ذلك كقوله:{فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ} , وكقوله:{وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} .
والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:
الأول: وهو أوجهها لدلالة القرآن عليه وهو أن السؤال قسمان: سؤال توبيخ وتقريع, وأداته غالبا (لم) ، وسؤال استخبار واستعلام وأداته غالبا (هل) فالمثبت هو سؤال التوبيخ والتقريع, والمنفي هو سؤال: الاستخبار والاستعلام، وجه دلالة القرآن على هذا أن سؤاله لهم المنصوص في القرآن كله توبيخ وتقريع كقوله:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ, مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ} , وكقوله:{أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ} ، وكقوله:{أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} ، وكقوله:{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} ، إلى غير ذلك من الآيات، وسؤال الله للرسل ماذا أجبتم لتوبيخ الذين كذبوهم كسؤال الموؤودة بأي ذنب قتلت لتوبيخ قاتلها.
الوجه الثاني: أن في القيامة مواقف متعددة ففي بعضها يسألون وفي بعضها لا يسألون.
الوجه الثالث: هو ما ذكره الحليمي من أن إثبات السؤال محمول على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل، وعدم السؤال محمول على ما يستلزمه الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه، ويدل لهذا قوله تعالى فيقول:{مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} والعلم عند الله تعالى.