للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الآية تدل على أن هذا الذي يتلوه عليهم حرّمه ربهم عليهم فيوهم أنّ معنى قوله: {أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} أن الإحسان بالوالدين وعدم الشرك حرام والواقع خلاف ذلك كما هو ضروري وفي هذه الآية الكريمة كلام كثير للعلماء وبحوث ومناقشات كثيرة لا تتسع هذه العجالة لاستيعابها منها: أنها صلة كما يأتي، ومنها: أنها بمعنى أبينه لكم لئلا تشركوا ومن أطاع الشيطان مستحلا فهو مشرك بدليل قوله: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} ، ومنها - أن الكلام تمّ عند قوله: {حَرَّمَ رَبُّكُمْ} وأنّ قوله: {عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا} : اسم فعل يتعلق بما بعده على أنه معموله. منها غير ذلك. وأقرب تلك الوجوه عندنا هو ما دل عليه القرآن لأن خير ما يفسر به القرآن القرآن, وذلك هو أن قوله تعالى: {أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} مضمن معنى ما وصاكم ربكم تركا وفعلا, وإنما قلنا إن القرآن دل على هذا لأن الله رفع هذا الإشكال وبين مراده بقوله: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} فيكون المعنى: وصاكم ألا تشركوا ونظيره من كلام العرب قول الراجز:

حج وأوصى بسليمى إلا عبدا

أن لا ترى ولا تكلم أحدا

ومن أقرب الوجوه بعد هذا وجهان:

الأول: أن المعنى: يبينه لكم لئلا تشركوا.

الثاني: إن (أن) من قوله: {أَلاّ تُشْرِكُوا} مفسرة للتحريم والقدح فيه بأن قوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً} معطوف عليه وعطفه عليه ينافي التفسير مدفوع بعدم تعيين العطف لاحتمال حذف حرف الجر فيكون المعنى: ولأنّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه كما ذهب إليه بعضهم ولكن القول الأول هو الصحيح إن شاء الله تعالى وعليه فلا إشكال في الآية أصلا.

سورة الأعراف