١٥- ثم ذكر في مقاله الخامس ما نصّه "ليس مذهب السلف الصالح -الذي أسلفنا الحديث عنه في مقالاتنا السابقة في موضوع صفات الباري جل وعلا- هو (التفويض المطلق) كما يتوهم البعض من الناس بل هو مسلك آخر يدل على نظر ثاقب وفهم سليم مستقيم لنصوص الكتاب والسنة, ويتلخص هذا المسلك والمنهج في الآتي:
أولاً: تأويل ما لابد من تأويله من آيات الصفات وأحاديث الصفات مما لا مندوحة عن تأويله لأسباب لغوية أو شرعية أو اعتقادية.
ثانياً: إثبات ما أثبته القرآن الكريم أو السنة المطهّرة من صفات الله جل وعلا: (السمع والبصر والكلام والمحبة والرضى والاستواء والنزول والإتيان والمجيء) وغيرها من الصفات, والإيمان بها على مراد الله عز وجل بطريق التسليم والتفويض دون تشبيه أو تعطيل أو تجسيم أو تمثيل"ا. هـ.
والجواب أن يقال:
إنّ هذه الدعوى على مذهب السلف دعوى لا أساس لها من الصحة فإنّ السلف الصالح ليس مذهبهم التفويض لأسماء الله وصفاته لا تفويضاً عاماً ولا خاصاً, وإنما يفوّضون علم الكيفية كما تقدم بيان ذلك, وكما نصّ على ذلك مالك وأحمد وغيرهما, وقبلهما أم سلمة رضي الله عنهما وربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك رضي الله عن الجميع, وليس من مذهب السلف أيضاً تأويل الصفات بل يمرّونها كما جاءت ويؤمنون بمعانيها على الوجه اللائق بالله سبحانه من غير تحريفا ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل كما سلف ذكر ذلك غير مرة.