للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس من مذهب السلف أيضا نفى التجسيم ولا إثباته لأن ذلك لم يرد في الكتاب ولا في السنة ولا في كلام سلف الأمة كما نصّ على ذلك غير واحد من أئمة السنة ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد نصّ على ذلك في كتابه التدمرية حيث قال في القاعدة السَادسة: "ولهذا لما كان الرّد على من وصف الله تعالى بالنقائص بهذا الطريق طريقاً فاسداً لم يسلكه أحد من السلف أو الأئمة فلم ينطق أحد منهم في حق الله بالجسم لا نفياً ولا إثباتاً ولا بالجوهر والتحيّز ونحو ذلك؛ لأنها عبارات مجملة لا تحق حقاً ولا تبطل باطلاً. ولهذا لم يذكر الله في كتابه فيما أنكره على اليهود وغيرهم من الكفار ما هو من هذا النوع بل هذا هو من الكلام المبتدع الذي أنكره السلف والأئمة"اهـ.

وقال الحافظ بن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه (فضل علم السلف على علم الخلف) -بعد كلام سبق-: "والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تفسير ولا تكييف ولا تمثيل, ولا يصح عن أحد منهم خلاف ذلك البتة خصوصاً الإمام أحمد ولا خاضوا في معانيها ولا ضربوا مثلا من الأمثال لها, وان كان بعض من كان قريبا من زمن الإمام أحمد فيهم من فعل شيئا من ذلك إتباعا لطريقة (مُقاتِل) فلا يقتدى به في ذلك إنما الاقتداء بأئمة الإسلام كابن المبارك ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد ونحوهم, وكل هؤلاء لا يوجد في كلامهم شيء من جنس كلام المتكلّمين فضلا عن كلام الفلاسفة ولم يدخل ذلك في كلام من سلم من قدح وجرح, وقد قال أبوزرعة الرازي: "كل من كان عنده علم فلم يصن علمه احتاج في نشره إلى شيء من الكلام فلستم منه"اهـ.