للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يجوز أن ينسب التأويل إلى أهل السنة مطلقا بل هو خلاف مذهبهم وإنما ينسب التأويل إلى الأشاعرة وسائر أهل البدع الذين تأوّلوا النصوص على غير تأويلها.

أما الأمثلة التي مثل بها الأخ الصابوني للتأويل عند أهل السنة فلا حجة له فيها وليس كلامهم فيها من باب التأويل بل هو من باب إيضاح المعنى وإزالة اللبس عن بعض الناس في معناها وهاك الجواب عنها: أما قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم} (التوبة: من الآية ٦٧) فليس المراد بالنسيان فيها النسيان في قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم} (مريم: من الآية ٦٤) وفي قوله تعالى: {فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} (طه: من الآية ٥٢) بل ذلك له معنى والنسيان المثبت له معنى آخر فالنسيان المثبت في قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم} هو تركه إياهم في ضلالهم وإعراضه عنهم سبحانه لتركهم أوامره وإعراضهم عن دينه لنفاقهم وتكذيبهم, والنسيان المنفي عن الله سبحانه هو النسيان الذي بمعنى الذهول والغفلة, فالله سبحانه منزه عن ذلك لكمال علمه وكمال بصيرته بأحوال عباده وإحاطته بكل شؤونهم فهو الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ولا ينسى ولا يغفل - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا -, وبذلك يعلم أنّ تفسير النسيان بالترك في قوله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم} (التوبة: من الآية ٦٧) ليس من باب التأويل, ولكنه من باب تفسير النسيان في هذا المقام بمعناه اللغوي لأن كلمة النسيان مشتركة يختلف معناها بحسب مواردها كما بيّن ذلك علماء التفسير رحمهم الله قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في معنى الآية ما نصه: " {نَسُوا اللَّهَ} ، أي نسوا ذكر الله {فَنَسِيَهُم} أي عاملهم معاملة من نسيهم كقوله تعالى: {وَقِيلَ