للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} (الجاثية:٣٤) اهـ.

وهكذا ما ذكره الله سبحانه من استهزائه بالمستهزئين وسخريته بالساخرين ومكره بالماكرين وكيده للكائدين لا يحتاج إلى تأويل لكونه من باب الجزاء من جنس العمل لأن السخرية منه سبحانه بالساخرين كانت بحق وهكذا مكره بالماكرين واستهزاؤه بالمستهزئين وكيده للكائدين كله بحق وما كان بحق فلا نقص فيه, والله سبحانه يوصف بذلك لأن ذلك وقع منه على وجه يليق بجلاله وعظمته, ولا يشابه ما يقع من الخلق؛ لأن أعداءه سبحانه فعلوا هذه الأفعال معاندة للحق وكفراً به وإنكاراً له فعاملهم سبحانه بمثل ما فعلوا على وجه لا يشابه فيه أفعالهم, ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه, وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون, ومن كيده لهم ومكره بهم وسخريته بهم واستهزائه به إمهالهم وإنظارهم وعدم معاجلتهم بالعقوبة, ومن ذلك ما يظهره للمنافقين يوم القيامة من إظهاره لهم بعض النور ثم سلبهم إياه كما قال عز وجل في سورة الحديد: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ الله وَغَرَّكُمْ بِالله الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (الحديد:١٣) ...

وهكذا قال علماء التفسير من أهل السنة في هذا المعنى: