وكذلك النظر في مخلوقات الله تعالى، وما فيها من العجائب، وإتقان الصنعة، وباهر الحكمة، وتقلّب الليل والنهار، ودوران الشمس والقمر والنجوم، وما يتجدد في طلوعها وغروبها، ودوران الأفلاك، وهبوب الرياح، والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء إلى حيث يشاء الله، وعوالم المخلوقات مما يطول وصفه.
ومن ذلك خلق الإنسان من نطفة مستوية الأجزاء، متنقلة الأطوار، من نطفة إلى علقة، ومن علقة إلى مضغة، ثم خلق منها لحما وعظاما وعصبا، وبصرا وعقلا وإدراكا، وما يشم، وما يطعم، وما يمشي على بطنه, وما يمشي على أربع, وما يمشى على رجلين، وذكر وأنثى، وهل يمكن أن يكون المداد بنفسه كتاباً معرباً مرتب المعاني والمواضيع, منسق الكتابة والحروف بطبيعة المداد من غير كاتب عالم, {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} ... الآيات.
ومن ذلك المعجزات التي جاءت بها الأنبياء وهي من أوضح الدلائل على الله تعالى مثل إحياء الموتى، وجعل العصا التي هي عود يابس مقطوع من شجرة حية تلتهم ما أمامها، وفلق البحر بضربه بالعصا، وقلب طبيعة النار ومنعها من الإحراق، وإنباع الماء من أصباع الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يتوضأ منه الجمع الكثير، وتكثير الطعام القليل حتى يتزوَّد منه الجيش بأكمله, وغير ذلك كثير جدا.
ولما كان الطريق إلى الحق هو السمع والعقل، وهما متلازمان، كان من سلك الطريق العقلي دله على الطريق السمعي وهو صدق الرسل، ومن سلك الطريق السمعي بين الأدلة العقلية، كما بين ذلك القرآن.