وما دمنا نؤمن بضرورة التخصص في العلوم فيكون الحل الوسط لهذه الحالة أن نوسع نطاق الإصلاح ونضع في عين الاعتبار المرحلتين السابقتين اللتين هما كجزء تحضيري للجامعة، فنعطي الطالب القسط الأوفى من المنهج الديني وإذا وصل إلى الجامعة جعلنا منه ما ينمي له ما تأصل عنده من قبل عملا بفحوى قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .
فقد جعلت الآية الكريمة السعي إلى الصلاة عند النداء واجبا يترك من أجله البيع والشراء، وأنه خير لمن يعلم، وهذا بمثابة المرحلة الأولى وجعلت قضاء الصلاة مؤذنا بالانتشار في الأرض ابتغاء من فضل الله وهذا بمثابة المرحلة الثانية، دين ودنيا، لأن الانتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله يشمل جميع ميادين العمل، غير أنها لم تدع هذا الشخص في انطلاقه غافلا منقطعها عن ربه بل ربطته بما لا يعوق عمله ولا يعطل إنتاجه، بل فيه عون له وفلاح {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .
ومن قوله صلى الله عليه وسلم:"مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع ". حيث جعل الفترة الأولى من سني الدراسة للدين الماثل في الصلاة التي هي عماده، وجعل الفترة الثانية للشؤون الاجتماعية الماثلة في الاستقلال الذاتي والعمل الفردي المشعر بتميز حق كل فرد فيما يأتي وما يدع، فيعرف ما له فلا يتعداه وما عليه فلا يأباه وصدق الله العظيم {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْك} .