١ ـ إضافة عامة لا تشريف فيها, وذلك أن يضاف إليه سبحانه شيء من المخلوقات نظراً لكونه مخلوقاً مربوباً له سبحانه.
فهذا المعنى العام موجود في جميع المخلوقات من غير فرق بين مخلوق وآخر, ولك بهذا الاعتبار أن تقول في إبليس عليه اللعنة: خلق الله ولا تشريف في ذلك.
٢ ـ إضافة خاصة تقتضي التشريف والتكريم للمضاف إلى الله تعالى, وذلك أن يضاف إليه سبحانه شيء من المخلوقات لمعنى خاص يوجد في ذلك المخلوق يحبه الله به ككونه نبياً وكون الكعبة قبلة للمسلمين, فإذا قيل في أحد أنبياء الله: عبد الله أو قيل في الكعبة الشريفة: بيت الله، فهذه إضافة تشريف.
وعلم بذلك أن إضافة المخلوق إلى الخالق لا تكون إضافة تشريف على وجه الإطلاق.
وأول من علم منه إنكار التكليم والمخالفة هو جعد بن درهم في أوائل القرن الثاني للهجرة, وشدد عليه في النكير علماء التابعين مثل الحسن البصري وغيره, وأفتوا بقتله فقتل بسبب ذلك قتله خالد بن عبد الله القسري أمير واسط بالعراق يوم الأضحى وقال للناس في خطبته: "أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضَحٍ بجعد بن درهم فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليماً, تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيرا, ثم نزل فذبحه".
ثم تولى كبر هذه المقالة الشنعاء وهي مقالة تعطيل الأسماء والصفات بعد جعد ابن درهم تلميذه جهم بن صفوان السمرقندي, ونشرها فاشتهرت في الناس بمقالة الجهمية, وهذا الأخير لقي أيضاً مصرعه بسبب زيغه وزندقته.
ويذكر ابن القيم مذهب هؤلاء في النونية بقوله:
أيضاً فهم صنفان
والقائلون بمشيئة وإرادة
كمشيئة للخلق والأكوان
أحدهما جعلته خارج ذاته
التشريف مثل البيت ذي الأركان
قالوا: صار كلامه إضافة
والقول لم يسمع من الديّان