يقول القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه المغني في التوحيد والعدل (٧/٣) : "اختلف الناس في كلام الله تعالى والذي عليه شيوخنا: أن كلام الله عز وجل من جنس الكلام المعقول في الشاهد, وهو حروف منظومة وأصوات مقطعة, وهو عرض يخلقه الله تعالى في بعض الأجسام على وجه يسمع ويفهم معناه, يؤدِّي الملِك ذلك المعنى إلى الأنبياء عليهم السلام بحسب ما يأمر به الله عز وجل ويعلمه صلاحاً".
ويقول في القرآن الكريم (٧/ ٢٢٤) : "إن الله خلق القرآن وأحدثه لمصالح العباد".
وهذا القول الفاسد فرع أصلهم الفاسد وهو النفي المجمل: "أن الله تعالى ليس محلا للحوادث ولا يقوم به وصف ولا فعل".
فجرَّدوه سبحانه مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- من صفات الكمال.
ومن لوازم هذا القول الفاسد في مسألة الكلام أن يكون الله تعالى متكلما بكل كلام يحدثه في الجمادات أو يخلقه في الحيوانات حقا كان أو باطلا، صدقا كان أو كذبا, وقد طرد ذلك الاتحادية. تعالى الله عن ذلك كله.
وجرّ هذا القول الفاسد قائليه إلى القول: "إن إضافة الكلام إلى الله تعالى إضافة تشريف مثل: بيت الله وناقة الله ونحو ذلك".
وبطلان ذلك لا يخفى على ذي البصيرة؛ وذلك لأن الإضافة إلى الرب تعالى نوعان:
أـ إضافة معان وصفات نحو: حياة الله وعلمه وقدرته وكلامه ونحو ذلك, فهذه من إضافة الصفة إلى الموصوف، ولا يقال في إضافة شيء من صفاته إليه تعالى إضافة تشريف إذ صفاته سبحانه ليست خارجة عن مسمى اسمه, بل يمتنع وجود ذاته بدون صفاته اللازمة لها وإن كان الذهن يفرض ذاتاً وحدها وصفة وحدها.
ب ـ إضافة ذوات وأعيان نحو: عبد الله وبيت الله وأرض الله ونحو ذلك, فهذه من إضافة المخلوق إلى خالقه جل ذكره.
وإضافة المخلوق إلى الخالق نوعان: