وأثبت الصفات مثل الحياة والعلم والقدرة والكلام ونحوها ونفى أن تكون صفات الله تعالى مخلوقة رداً على النفاة القائلين: "إنّ كلام الله مخلوق", فقال: "إنّ كلام الله معنى واحد قائم بنفسه لازم له ليس له حرف ولا صوت".
فسلك مسلكا خالف فيه المعتزلة ولم يوافق أهل الحديث في جميع ما قالوه, وإنما قابل بدعتهم ببدعة, وردّ باطلهم بباطل.
وأنكر ذلك الإمام أحمد بن حنبل والبخاري وغيرهما من أئمة السنة الذين كانوا في زمنه وبعده.
يقول عبد الله بن أحمد: "قلت لأبي: يا أبت إنّ قوما يقولون: "إنّ الله تعالى لم يتكلّم بصوت "، فقال يا بنيّ: "هؤلاء الجهمية إنما يدورون على التعطيل يريدون أن يلبسوا على الناس بل تكلم بصوت..."
قال في النونية عن هؤلاء:
وإرادة منه فطائفتان
ثم الألى قالوا بغير مشيئة
بالنفس أو قالوا بخمس معان
إحداهما جعلته معنى قائما
تبديه معقولا إلى الأذهان
والله أحدث هذه الألفاظ كي
هي القرآن بل دلت على القرآن
وكذلك قالوا إنها ليست
المجاز وذاك وضع ثان
ولربما سمى بها القرآن تسمية
والحق في المسألة هو ما ذهب إليه أئمة السنة والحديث من أن الكلام صفة كمال لله عز وجل كسائر الصفات فهو لم يزل ولا يزال متكلما متى شاء وكيف شاء ولكلامه حرف وصوت يسمع, والكلام على هذا القول صفة ذات وفعل قديم النوع حادث الأفراد.
وذلك أن للكلام اعتبارين بالنسبة إلى المتكلم.
أـ كون الكلام صفة معنوية للمتكلم فبهذا الاعتبار يصح أن يقال: الكلام معنى قائم بنفس المتكلم وصفة قائمة بذاته, والصفة لا تقوم إلا بالموصوف.