للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة ليهديهم به إلى الصراط المستقيم قابله المشركون بما يستطيعونه من الأذى والمناوأة وتأليب الناس عليه وتحذيرهم منه، فوصفوه بأشنع الأوصاف فقالوا: "أنه ساحر"وقالوا: "أخرى أنه كاهن"وقالوا: "مجنون"هذا وهم أعلم الناس بماضيه المشرق الوضاء، ولكن الذي حملهم على ذلك الكبر والحسد. فقد أخبر الله عنهم في كتابه العزيز أنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم، فلما جاءهم نذير مازا دهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. وقال سبحانه وتعالى مخبرا عنهم: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} . إلى أن قال مشيرا إلى حسدهم له صلوات الله وسلامه عليه: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا} . وقال سبحانه وتعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ} . ثم قال مخبرا عن اعتراضهم على الله في اختياره لهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} . فأنكر عليهم ذلك وبين أن الأمر أمره، والخلق خلقه، والفضل فضله يؤتيه من يشاء فهو أعلم حيث يجعل رسالته فقال سبحانه: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً} . ونظير هذا قوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} . وقال سبحانه: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ