لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ. أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ - إلى أن قال- قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُم} . وقال:{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} وقد روى الحاكم بسند على شرط الشيخين أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنا لا نكذبك ولكن نكذب ما جئت به"فأنزل الله {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} . وروي أن الأخنس بن شريق دخل على أبي جهل فقال:"يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس ههنا من قريش غيري وغيرك يسمع كلامنا"فقال أبو جهل: "ويحك والله إن محمدا لصادق وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصي بالسقاية والحجابة والنبوة فماذا يكون لسائر قريش"، وقال:"تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا منا نبي ينزل عليه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه، والله لا نؤمن به ولا نصدقه". وهكذا يبلغ الكبر والحسد بهؤلاء القوم الذين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، حملهم ذلك على تجاهل الحقيقة وإبداء خلاف المستقر في القلوب، يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم متبعين في ذلك إمامهم في الضلال والحسد إبليس اللعين حيث فسق عن أمر ربه له بالسجود لآدم كبرا وحسدا استنادا منه لعنة الله على أنه أفضل منه على زعمه، لكونه خلق من نار وآدم عليه الصلاة والسلام خلق من طين..
امتنان الله سبحانه على الثقلين برسالته صلى الله عليه وسلم