وأيا ما كان فإن الألف أخف حروف العلة، وكذلك ما أشبهها وهو الهمزة بخلاف الواو فإنها أثقلها.
فاللجوء- حينئذ- إلى قلب الواو همزة لجوء إلى التخفيف، لأنه انتقال من الثقل إلى الخفة. بخلاف العكس، وهو قلب الهمزة واواً. لأنه انتقال من الخفيف إلى الثقيل.
لهذا كان قلب الهمزة واواً في نحو صحراء وعشراء ونفساء في التثنية والجمع بالألف والتاء، والنسب [٤٤] ، انتقال من الخفة إلى الثقل، لأن الهمزة أخف من الواو- كما علمنا- ولكن ذلك تم على سبيل التقاص.
فكما أن الواو قلبت همزة. كذلك أبدلت الهمزة واواً على طريق المبادلة والمقاصة، نظرا لتحقيق الشبه بينهما، بسبب أن الهمزة شبيهة بالألف وهى حرف علة.
بيد أن ابن "فلاح "جعل هذه الظاهرة [٤٥] متحققة بإبدال الهمزة واواً في الجمع بالألف والتاء فقط. في مثل صحراء وصحراوات. أي أنه قصر المقاصة على جمع المؤنث السالم، اقتصاصا من قلب الواو همزة.
ونحن إذ نقدر لابن فلاح جهده في الإشارة إلى هذه الظاهرة، وفيما ذهب إليه. نرى أنه لا ضير من جعل المقاصة شاملة لكل المسائل التي تقلب فيها الهمزة واواً، اطرادا للقاعدة، وشمولا للظاهرة، وتثبيتا للقياس، وتعميما للمصطلح، وتوسعاً في أساليب اللغة، لأنها- بلا شك- تقبل ذلك ولا تضيق به.
ثالثا: في زيادة بعض الحروف:
من المقرر أن- اللام ألف- أصلها الألف التي هي مَدَّةَ ساكنة، ولكنها دُعِمت باللام قَبْلها متحركة ليمكن الابتداء [٤٦] بها، وليصح النطق كما صح بسائر الحروف غيرها. لأن الساكن لا يمكن الابتداء به.
وإنما دُعمت باللام قبلها ولم تُدعَم بهمزة الوصل التي يؤتى بها توصلا إلى النطق بالساكن، لأنه لا يمكن الإتيان بها قبل الألف، ولأن ذلك يؤدي إلى نقض الغرض الذي قصدوا له، لأن همزة الوصَل قد تأتي مكسورة، ولو كسرت لانقلبت الألف ياءً مكسورة لانكسار ما قبلها.