يروي الطبري نقلا عن شيوخه.. أن قيصر بعث جاسوسه فعاد إليه بصفة المسلمين قال:".. بالليل رهبان.. وبالنهار فرسان، ولو سرق ابن أحد ملوكهم قطعوا يده، ولو زنى رجم، فإنه الحق فيهم". لا أريد أن أناقش الجانب التاريخي من الواقعة فربما بعث قيصر، وربما لم يبعث، ولكن القصة تعكس فهم المسلمين لسر انتصارهم.. إنه أبدا ليس التفوق التكنولوجي ... بل التفوق الروحي.. بالعقيدة.. بها انتصروا.. وتعلموا.. وصنعوا..واخترعوا ... العقيدة.. وأثروا التاريخ البشري..نقطة البدء في كل حضارة هي العقيدة.. هي القيم الموجهة للجماهي، ر هي الأفكار التي توجه سلوك قيادتها.. والذين تسمموا بالغزو الفكري، يظنون أنه مما يتنافى مع التقدم الآلي أن يتمسك المرء بدينه ناسين أن الباب المفضي إلى المخابرات الأمريكية منقوش عليه آية من الإنجيل (١) ..
وأن أول دبابة إسرائيلية دخلت سيناء كانت تحمل نصا من التوراة.. يستخلصون لنا من أحداث الخامس من يونيه.. عبرة التكنولوجيا ثم لا يتساءلون ما الذي جعل المجتمع الذي يضم أخلاط الشعوب أكثر وحدة وأكثر تماسكا وأكثر إصرارا على الباطل، وأكثر قدرة على إنجاز التكنولوجيا والتفوق الآلي.. لأن شازار وبن جوريون يرفضان ركوب سيارة في لندن يوم السبت لأنه محرم في الديانة اليهودية.
وعندما اقترح أحدهم يوم الثامن من يونية أن يلغى الاحتفال بالمولد النبوي حتى لا يتعطل المجهود الحربي..! صحيح أن اقتراحه قد رفض، ولكن مجرد الاقتراح يكشف طبيعة التفكير العصري الذي قادنا إلى ما صرنا إليه.. ونحن تركنا من يتطاول على قرأننا وأمكن أن يطبع في بلد عربي مقال فيه سب الله سبحانه وتعالى قبيل النكسة بأيام!..
اليهود الذين عبدوا عجل الذهب.. عندما أرادوا أن يبنوا دولة ويقاتلوا.. عرفوا قيمة القيم الروحية..