ماذا في دعوة هذا الرسول الكريم، وقد قص الله علينا خلاصة دعوته الكريمة التي استغرقت ألف سنة إلا خمسين عاماً.
إنها دعوة جادة إلى توحيد الله وعبادته وحده، في جهد دائب ما ترك وسيلة تمكنه إلا استخدمها لإقناعهم بدعوته سرا وجهاراً وترغيبا وترهيبا ووعداً ووعيداً، واحتجاجا واستدلالا بالأدلة العقلية والحسية، من واقع أنفسهم وحياتهم ومما بين أيديهم من السماء والأرض، وما فيهما من آيات وعبر وكل ذلك لم يُجد فيهم نفعا ولا دفعهم إلى استجابة بل أصروا على كفرهم وضلالهم، واستكبروا استكبارا.
أصروا على التشبث بأصنامهم ومعبوداتهم الباطلة، فكانت النتيجة لهذا الإصرار والاستكبار، الهلاك والدمار، وفى الآخرة الخلود في عذاب النار.
وهنا نتساءل لماذا يستمر هذا النبي العظيم كل هذه الآماد الطويلة، ويبذل هذه الجهود الكبيرة، دون كلل أو ملل يدعو إلى مبدء التوحيد؟.
ولماذا يمدحه الله ويثني عليه الثناء العاطر، ويخلّد ذكره ويجعله في عداد الرسل أولي العزم؟.
هل دعوة التوحيد تستحق كل هذه العناية والإكبار؟، هل هذا المنهج وتحديد هذا المنطلق لهذا النبي الكريم مجانب للمنطق والحكمة والعقل؟ أو أنه عين الحكمة ومقتضى المنطق الصحيح، والعقل الواعي الرجيح لماذا يقره الله على سلوك هذا المنهج في الدعوة طوال ألف سنة إلا خمسين عاما ويشيد به ويخلد اسمه وقصصه، ويكلف أعظم الرسل وأعقل البشر أن يجعل منه أسوة في دعوته وصبره؟.