للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ، فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ، فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ، إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الأنعام: ٧٤-٧٩) . دعوة حارة قوية متدفقة إلى توحيد الله، وإخلاص الدين له ونبذ الشرك ورفضه، تبدأ بالأسرة وتمتد إلى الأمة تحارب الشرك بالأصنام، وتزلزل الشرك بالكواكب.

ويسلك خليل الله أقوم الطرق في المناظرة والمحاجة، لإقامة حجة الله ودحض الشرك وباطله وشُبَهِهِ.

فالتعبير بالأصنام تحقير لآلهتهم المزعومة المصطنعة، وتسفيه لأحلامهم، ورصده للكواكب المذكورة واحدا تلو الآخر وهى تغيب وتأفل عنهم ليأخذ من حالها البرهان الواضح على بطلان ما يزعمون من ألوهيتها فمن يرعاهم ويحفظهم ويدبر شؤونهم وشؤون هذا الكون حين غيابها وأفولها، وإذن فعليهم أن يرفضوا هذه الآلهة المزعومة الباطلة ويكفروا بها، وينفضوا أيديهم منها، ويتجهوا إلى إلههم الحق، الذي فطر السماوات والأرض، والذي لا يغيب ولا يحول يعلم جميع أحوالهم ومطلع على حركاتهم وسكناتهم، ويرعاهم ويحفظهم ويدبر شؤونهم حجج قوية يستمدها من الواقع الملموس والكون المنظور.