فكيف كان بدء دعوة موسى هل اتجهت إلى إصلاح عقيدة هذه الأمة الوثنية أو بدأت بالمطالبة بحقوق بنى إسرائيل والمصارعة على الحكم والسعي الجاد في إقامة الدولة الإسلامية وانتزاع السلطة من أيدي الطغاة وعلى رأسهم فرعون المتأله.
لقد كانت دعوة موسى كغيرها من دعوات آبائه وإخوته من الأنبياء لقد لقنه ربه أصل التوحيد واصطفاه لحمل رسالته والقيام بعبادته. قال تعالى:{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً. فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً، وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى. إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي. إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} . (طه: ٩-١٥) . هكذا في مفتتح رسالته تملى عليه عقيدة التوحيد ويكلف شخصياً أن يقوم بها في واقع نفسه ويتمثلها في حياته.
ثم يكلفه بالدعوة لهذا المبدء العظيم فيرسله إلى فرعون ويبيّن له طريق الدعوة وأسلوبها الحكيم الذي يواجه به فرعون. قال تعالى:{اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى}(النازعات: ٧ ا-١٩) .