للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما إذا كانت دولة الإسلام غير قائمة، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها وللمسلم أن يتبوأ منصبا في دولة غير مسلمة شريطة أن يقوم بالعدل وأن لا يطيعهم في معصية الله ولا يحكم بغير ما أنزل كما فعل نبي الله يوسف. تبوأ منصب النيابة عن ملك كافر وما كان يحكم بشريعته { ... مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِك} (يوسف: ٧٦) ، وكان يقوم بالعدل بين الرعية ويدعوهم إلى توحيد الله.

وفى هذا رد حاسم على من يهون من أمر عقيدة التوحيد ويجامل ويحابي في قضية الشرك الذي ملأ الدنيا وينظر إلى دعاة التوحيد وأعداء الشرك بعين الاحتقار والازدراء ويربأ بنفسه ويشمخ بأنفه أن يهبط إلى مستوى دعاة التوحيد- وهو من دعاة السياسة ومَا اثقل على سمعه وقلبه أن يسمع أو يقول كلمة توحيد أو شرك. لقد أوقع هذا النوع من الدعاة أنفسهم في هوة سحيقة في حين يظنون أنهم في أعلى القمم الشامخة. وهل يفلح قوم هذا موقفهم من دعوة الأنبياء إلا أن يتوبوا عما هم فيه إلى الله توبة نصوحاً.

(رابعهم) : موسى كليم الله، القوي الأمين، نرى دعوته تتجه إلى التوحيد وتحمل في طياتها أنوار الهداية والحكمة.

لقد تربى موسى ودرج في قصور أعظم طاغية متأله وعرف من ألوان الفساد والكفر والطغيان والظلم والاستبداد في قصور الحكم عن مشاهدة واطلاع ما يصعب تصوره واحتماله ورأى ما نزل بقومه بنى إسرائيل من استعباد واستذلال واستحياء النساء وقتل الأبناء ما فاق كل ظلم عرفته البشرية.

قال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (القصص:٤) وكان قوم فرعود أهل وثنية دون شك.